بلدي نيوز – (منى علي)
بعد ثلاثة أيام من سريان اتفاق "وقف إطلاق النار" بسوريا، وفق تفاهم تركي – روسي، هدد 11 فصيلاً معارضاً، السبت الماضي، بإلغاء الاتفاق إن استمر النظام وحلفاؤه بخرق الهدنة وواصلوا قصف وادي بردى خصوصاً، إلا أن شيئاً لم يحدث.. فبدل التزام النظام بالهدنة، عمد هو وحلفاؤه إلى التصعيد في وادي بردى ومناطق أخرى، مع دخول "الضامن الروسي" على خط الخروقات عبر عودة طيرانه الحربي لاستهداف الثوار في غير منطقة محررة.
عدم وجود رد فعل حاسم من الفصائل الموقعة على الاتفاق، وذهاب تهديدهم بإلغاء الهدنة أدراج الرياح، أثار عاصفة تساؤلات عميقة عن مدى فاعليتهم وحقيقة وجودهم كطرف في الاتفاق وما سيترتب عليه من نتائج سياسية في مفاوضات "أستانة" التي أعلن وزير الخارجية التركي، اليوم، أنها ستنطلق في 23 الشهر الجاري، إن توافرت الظروف المناسبة.
ومع استمرار العمليات العسكرية في ريف دمشق وحمص وحماة وحلب وإدلب ودرعا، والعودة إلى استخدام النظام الطيران والبراميل المتفجرة، ومحاولات التقدم البري واحتلال الأراضي، وهو ما يتناقض تماماً مع نص اتفاق وقف إطلاق النار، ومع استمرار عملية التهجير القسري الذي حط رحاله أمس في سعسع وقرى الحرمون، وهو ما يُعتبر جريمة حرب، مع كل هذه الممارسات لم يصدر عن الفصائل الموقعة عن المعارضة، أي رد فعل يشي بأنهم طرف حقيقي وازن له كلمة في الاتفاق وسيره ومستقبله، وبالتالي مستقبل البلاد والثورة.
الباحث والكاتب السياسي السوري، عبد الرحمن مطر، قيّم وقف إطلاق النار وظروفه والصعوبات التي تواجه فصائل المعارضة، بالقول: "مع استمرار النظام في سياسة الحصار والتجويع، على المدن والبلدات السورية، ودكها من قبل الطيران الروسي في حال عدم التوصل إلى فرض هدنة، تتواصل الاختراقات على نطاق محدد، تستهدف إضعاف نقاط تمركز المعارضة في ريف حلب ووادي بردى، وفي مرحلة لاحقة حوران، وفقاً لتهديدات النظام قبل أيام".
ويستطرد متحدثا لبلدي نيوز: "هذا يوضح بشكل جليّ، أن روسيا بصفتها ضامناً أساسياً للاتفاق، تركت ثغرات مهمة تمكن النظام من خرق الهدنة لساعات ينفذ خلالها إغارات محددة الأهداف. هذا من جانب. الجانب الثاني، هو أن قوى المعارضة لا تملك خيارات في مواجهة هذه الخروقات، سياسياً أو ميدانياً، عدا عن كونها غير قادرة على تنسيق المواقف والإجراءات بين مختلف الأطراف. كما أنها لا تملك من قرارها الوطني شيئاً، هذه واحدة من أهم الحقائق التي يجب أخذها بعين الاعتبار".
وعن القوى الحقيقية الفاعلة في الاتفاق وما سيترتب عليه، أوضح الكاتب "مطر": "القوة الأساسية التي تتولى التفاوض مع روسيا، هي تركيا، ليس ممثلة للمعارضة السورية، بل هي الطرف الذي أضحى يدير معظم قوى الفصائل المسلحة إن لم يكن جميعها، بما يمتلكه من قدرات (الدولة)، وبما يمتلكه من معلومات ومن سيطرة على حركة الإمداد اللوجستي. المعارضة في هذا الاتفاق شأنها شأن النظام، القرار فيه بيد تركيا وروسيا. وهذا واضح من استبعاد النظام بصورة مباشرة، واستبعاد الائتلاف الوطني وهيئة التفاوض".
ومع إيمان الباحث السياسي السوري بأن "وقف إطلاق النار هو ضرورة كبيرة، من أجل وقف القتل والتدمير"، إلا أن "اتفاق وقف إطلاق النار سيستمر أعرجاً، إلى أن تتحقق سيطرة مؤثرة للنظام في درعا، وريف دمشق، يكون معها المسار التفاوضي – ربما – قد يأخذ طريقاً جديداً هذه المرة، وفقاً لبنود فيينا".
هذه الرؤيا تبدو في طريقها إلى التحقق على الأرض، مع غياب أي فعل أو رد فعل سياسي أو عسكري مؤثر من هيئات المعارضة السياسية أو فصائلها العسكرية، ومع غياب كامل للمجتمع الدولي عن مسرح الأحداث السوري، حيث ينشغل الوسيط الدولي بالإعداد لجولة جديدة من المحادثات في جنيف، بينما يبدو أن الحسم في "أستانة" هو الأقرب للواقع، بينما سيقتصر دور جنيف ومجلس الأمن فيما بعد على المباركة والتوقيع، على مستقبل سوريا الذي لم يكن فيه السوريون طرفاً، هذا إن لم يكن للناطق باسم الفصائل التي وقعت الاتفاق "أسامة أبو زيد"، رأي آخر يتوقعه السوريون الذين يهربون من براميل "الهدنة" المتفجرة.. الآن!